ضغط الكتابة وسكرها

ضغط الكتابة وسكرها
خواطر جميلة عن الكتابة والكِتاب والرواية وأشياء أخرى تدور في هذا الفلك يحملها مؤلف “ضغط الكتابة وسكرها” لصاحبه الروائي السوداني الكبيرة أمير تاج السر. أمير رائع في كتابة الخواطر روعته في كتابة الرواية، له قدرة على جعل القارئ جزء من حكاياه وانشغالاته ككاتب وإنسان معا رغم أنه قد لا يكون للقارئ أدنى ارتباط  بالأحداث التي يرويها تلك التي تشغل باله ككاتب، رغم ذلك يوجد مؤلفنا للقارئ رابطا روحيا مع كتاباته، وهذا ما أحببته فيها كونه يجعلنا نتذوقها بسلاسة من دون أن نشعر أننا غرباء عن الكتاب.
يتناول الكتاب خواطر عن الكتابة كونها فعل إنساني لابد وله تداخلاته مع النفس الإنسانية، فبالضرورة بمكان يصبح فعل الكتابة بالنسبة للكاتب مميزا وباعثا للشغف والحماسة، كما يصبح في أحايين أخرى مرهقا وسببا في انعزال الكاتب عن مجتمعه ، كما يتحدث أمير  عن تفاعل الروائي مع روايته وشخوصها وأحداثها وكذا مع قارئها، كل ذلك مع قصص ينقلها الكاتب عايشها في بورتسودان، أين كان يعمل طبيبا في مستشفاها.
أحيانا نحس في كلام أمير أنه يريد لو يذهب بعيدا في وصف ما يلهمه للقارئ، أعجبني كثيرا أنه تحدث عن ما يهم قارئ اليوم ويتفاعل معه مثل حديثه عن الكتاب الإلكتروني، وموقع غودريدز وغوغل والشبكة العنكبوتية التي صارت تصنع اليوم نجوما وتأفلهم وتربط عوالم وأشخاص ما كان ليكون لها طريق للقاء غير الشبكة. في هكذا مواضيع نتعرف على أمير الكاتب الكبير الذي لم يهضم حق جيل اليوم في تفاعله مع تكنولوجيات العصر. إضافة إلى ذلك لا يجد أمير حرجا في أن ينقل رأيه في كتاب آخرين عربا كانوا أو غربيين، خلافا لكتاب آخرين لا يشيرون إلى بعضهم البعض سوى بالمعاني وإن حضرت.

مقطع من الكتاب: 

“كان إمام مغنيا يملك صوتا ممتلئا بعناصر الطرب كلها، وكان يعمل نجارا فى ورشة صغيرة، يملكها فى أحد الأحياء البعيدة، كان يدق مسمارا أو مسمارين فى الصباح على طاولة أو كرسى، أو خزانة، وينفق باقى اليوم فى تلحين القصائد التى تناثرت داخل الورشة، وكان مألوفا جدا أن ترى عددا من زبائنه، يسألون بغضب عن أغراضهم التى مضى عليها زمن طويل وما زالت مجرد خشب، فى أحد الأيام زرته فى ورشته، أعطيته قصيدة كتبتُها لفتاة جميلة وأرادت أن تسمعها مغناة” فطلب مني أن احضر شاياً من مقهى قريب و أعود ,وحين عدت بعد عدة دقائق كان يسمعني قصيدتي ملحنة بصورة لم أصدقها . وفي يوم زودته بخامات الخشب وطلبت منه طاولة جديدة لعيادتي التي سأفتتحها قريباً فلم أستلم تلك الطاولة ابداً”.
بطاقة:
الكتاب: ضغط الكتابة وسكرها (كتابات في الثقافة والحياة)
الكاتب: أمير تاج السر
الناشر: دار العين
السنة: 2013

تشظي الشذرات الأدبي : قراءة في كتب الشذرات الأدبية.

بدون عنوان
تشظي الشذرات الأدبي : قراءة في كُتب الشذرات الأدبية .

تعمدت ان اجعل عنوان المقال غرائبيا كالعادة ، وقد بحثت في النت عن موضوع هذا المقال وهو الكتابة على شكل شذرات في الادب فوجدت مقالات عدة مفيدة جدا من ناحية اكاديمية وادبية وتاريخية في البحث حول هذا الموضوع ..لكني لم المس -عن نفسي- الا بعض هاته الكتابات وطالعتها ، لذا ساتكلم عنها من باب تجربتي الذهنية معها ..وعلى كل الشذرة لا تحمل تعريفا ثابتا لذا ساعرفها كما فهمتها هنا وهي ان الشذرة نص صغير مكثف حول فكرة ما ، غالبا ما تكون مفارقة فكرية . لو اخذنا بهذا التعريف لكانت النكتة التي يتداولها الناس عادة و الشبكات الاجتماعية نوعا من الشذرات ايضا والشذرة يجب ان تكون نصا ادبيا صغيرا لو زاد عن ان يكون فقرة يمكن ان تسمى خاطرة وفي الحقيقة، لا احب القياسات أو التقييس اذ ان الادب فوق كل ذلك فلا يمكن ان تحدد ان القصة القصيرة جدا مثلا يجب ان تكون كذا حرف ولا يمكن حتى ان تعطي معدلا اي بين كذا وكذا ..لكن لا باس ان قمت بدراسة حول كتابات اديب ما: ان تحسب ذلك وتقول ان معدلات حروف في نصوصه تتراوح كذا وكذا ..لكن لا يمكن ان تجعلها مقياسا لاحد ..يكفيك فقط ان تحصل على دبلوم الذي ستاكل به الخبز وتسعد به زوجتك أو تقتني به واحدة ان لم يكن لك .

المهم ، هناك مقالات جيدة حول هذا الموضوع  كما اخبرتكم ، احث على مطالعتها لانها مفيدة، اعجبتني منها ما اوردت روابطه اخر هذا المقال ..وساتكلم عن تجربتي مع مؤلفين ربما لم يتطرق اليهم الدارسون لهاته القضية منهم :

التأملات : طالعتُ جزءا مهما من كتاب التأملات لماركوس اوريليوس ، وهو كتاب اكثر من رائع وحكمي لدرجة قصوى وكلامه جميل ومنسق ورائع وعلى كل حال احيلكم عليه بشدة .اعتبره شذرات انا ايضا .رغم انه كان نصوصا مكتوبة لنفسه ما انوه له هو عظمة اولئك الذين انقذوا الكتاب وطبعوه وحققوه ليوصلوا لك حكمة انسان رائع منذ 161 – 180 ميلادية ستحس ايضا ان البشر منذ تلك السنين والانسان والناس لم يتغيروا ابدا .

من اجمل تأملاته (لكن يجب ان تقرئوا له الاخريات لانها رائعة ايضا ) :

“لنفرض أنك ستعيش ثلاثة آلاف سنة بل وعشرات الآلاف من السنين مرات ومرات، فتذكر أن أحدا لا يخسر حياة أخرى غير التي يحياها الآن أو يحيى حياة أخرى غير التي يخسرها الآن، إن أطول الأعمار وأقصرها يستويان تماما، فالحاضر هو نفسه للجميع، حتى إذا اختلفت الأشياء التي هي بسبيلها للفناء، لذلك فإن ما ينقضي يبدو وكأنه لحظة، والإنسان لا يمكنه أن يخسر الماضي أو المستقبل، فما لا يملكه الإنسان كيف يستطيع أحد أن ينتزعه منه؟ ”
إقرأ المزيد

أحمد حلمي، 28 حرف

28 حرف

رفعت سقف توقعاتي عاليا بشأن هذا الكتاب، و لو كنت أعرف أنه لا يستحق ذلك ما منحته كل ذلك الإهتمام قبل قرائته. لا أنكر أن عملية تسويقه فعلت فعلها في و جعلتني أنتظر منه الكثير، ربما أكون ظلمته إن فعلت أو ربما لا، ربما خيب أحمد حلمي  أملي ( أو آمال الكثيرين)، فأن يتجه ممثل مشهور يتقن دوره خلف الكاميرا إلى التأليف و مزاحمة الكتاب في مجالهم فسيكون ذلك لا محالة ثقة كبيرة منه بما يقدمه من منتج. وما قدمه أحمد حلمي في هذا المؤلف 28 حرف لم يرقى إلى مستوى شهرته الفنية.. رغم ذلك لا أنكر أن كتابات أحمد حلمي تعبر عن شخصيته المرحة الكوميدية و ربما لهذا فقط يمكنني القول عن  الكتاب أنه جاء (مهضوم) على قول إخواننا المصريين لكنه ليس عميقا كفاية، كنت أنتظر أن أطلع على كتاب له بعد مصبوغ بشخصية الكاتب، كتاب بأفكار قيمة تستحق أن يكتب عنها الآخرون و يتداولونها لكن ذلك لم يحصل للأسف .. على فكرة من الأمور لم أحببها في هذا العمل هو كون جزء كبير منه جاء بالعامية المصرية، طبعا العامية ليست عيب، لكن أن تكون طاغية فهذا يجعل من الكتاب محصورا على جهة معينة فقط جون غيرها.

اقتباس من الكتاب:

“(يوم ذكرى ميلادك ابقى فكر قبل ماتطفى الشمع انت عملت ايه السنه اللى فاتت لو لاقيت عمايلك بيضاء زود شمعه على شمع سنينك اللى انت حاططها فى تورته عمرك هتعرف ان عمرك زاد سنه مفيده .. اما بقى لو لقيت نفسك مش مفيد ولا مهم علطول شيل من شمع سنينك شمعة نقص من عمرك سنه عدت من غير ما تعمل فيها اى حاجه مهمه ساعتها لازم تعرف ان عمرك نقص سنه وكل سنه هينقص سنه) .. عيد ميلادى ..
(عارف لما تشوف الصبح بيطلع وانت قاعد .. لما تلاقى قلبك بيدق وانت بارد .. او تنام وانت شارد .. وتبكى وانت ساكت)”

 

عن أحمد حلمي:

ممثل مصري ولد عام 1977، كانت بدايته من خلال تقديمه لبرنامج تلفزيوني بعنوان “لعب عيال” اشتهر فيه لينتقل الى التمثيل السينمائي الذي أجاده من خلال آدائه لمجموعة من الأفلام الكوميدية.

بطاقة:

العنوان: 28 حرف

الكاتب: أحمد حلمي

الناشر: دار الشروق

عدد الصفحات: 152

الكتاب على غودريدز (يمكن تحميل الكتاب من الموقع)

خلوة الغلبان، إبراهيم أصلان

خلوة الغلبان

“خلوة الغلبان” هو ثاني عمل أقرأه للكاتب الكبير إبراهيم أصلان، أو العم أصلان كما يحب الجميع أن يناديه .. أسلوب هذا الكاتب آسر. يشبه جدا أسلوب الكاتب الكبير نجيب محفوظ و الذي يعد من بين الكتاب الذين تأثر بهم أصلان و كانت له معه حكايات عدة يدرج البعض منها في هذا الكتاب الذي يحوي مجموعة من المقالات الأدبية و القصص التي نشرت في مراحل متفرقة من عمره.

و أنا أقرأ هذا الكتاب قرأت عن حياة إبراهيم اصلان و عرفت أنه توفي في شهر يناير من العام الماضي ولم أكن قبلا  قد عرفت ذلك حين قرأت له “شيء من هذا القبيل”.  هزني حقا أن أطلع على حقيقة أن الكاتب الذي كنت أحسبه موجودا في مكان ما في هذا العالم و أنا أستمتع بكتاباته قد رحل عن هاهنا، شعرت بحزن داخلي.. العم أصلان الذي عشت معه حكاياته التي يرويها بأسلوبه البسيط المحبب رحل عن الدنيا و لم يبق لنا منه سوى كتاباته عن حياته في حي إمبابة بالقاهرة و سفرياته المختلفة لمناطق عدة داخل مصر و خارجها و الأحداث الطريفة التي عايشها و التي تنبأ عن شخصية اجتماعية قلما وجد لها مثيل.

أعجبتني الشخصيات في حكايا إبراهيم أصلان، شخصيانت واقعية لها طابعها الخاص، سواءا كانت تلك الشخصيات جيدة أو سيئة و نادرا ما تكون كذلك فأنت ستحبها، ستحبها بالأسلوب الذي يحكي به إبراهيم و لن تمل من اغتراف المزيد من ما تعيشه و ما عايشته، أرواح جميلة تنطبع مواصفاتها وفقا لروح أصلان الطيبة التي ترى الأشياء من حولها و قد عمها الطيب. أحببت حقا هذا الكاتب كما أتمنى أن تحبوه، بعد أن تقرأوا له طبعا :).

إبراهيم أصلان

 

عن إبراهيم أصلان:

ولد في محافظة الغربية بمصر في شهر مارس من العام ، تربى بالقاهرة بحي إمبابة الشهير الذي يتجلى في أبرز أعماله. 1935 يعد ابراهيم أصلان من أبرز كتاب

جيل “الستينات” في مصر. لاقت أعماله القصصية ترحيبا كبيرا عندما نشرت في أواخر السيتينات وكان أولها مجموعة “بحيره المساء” وتوالت الأعمال بعد ذلك إلا أنها كانت شديدة الندرة، حتى كانت روايته “مالك الحزين” وهي أولى رواياته التي أدرجت ضمن أفضل مائة رواية في الأدب العربى وحققت له شهره أكبر بين الجمهور العادى وليس النخبه فقط. وقد حولت هذه الأخيرة الى فلم سينمائي شهير.. من أبرز أعماله، بحيرة المساء، مالك الحزين، شيء من هذا القبيل. توفي في شهر  يناير 2012

المزيد على ويكيبيديا

الكتاب على غودريدز

نكتب Bel3arabi!

نحن في زمن التغيير والتطوير والتبديل والتفعيل، نعيد صياغة العالم من جديد، نُخل بموازين القوى لنعيد توازنها، نمسك بعجلة النمو جيدًا حتى ندفعها بقوة نحو التقدم والازدهار، نغير قواعد اللعبة الاقتصادية ونتمرد على النظريات المهترئة. نتحرر من المُسَلمات والمقدمات والمهدئات، ونركض نحو التدقيق والتحقيق والتطبيق.

في خضم هذه التغييرات التي نصنعها أو نفرضها هناك متغيرات أخرى تُـفرض علينا، فهل كل التغيير مقبول؟ وهل كل الجديد يعد تقدمًا؟ وهل كل تقدم يمكن أن يكون تطورًا مفيدًا؟

مع تطور التكنولوجيا وزيادة استخدام غرف المحادثات الإلكترونية، بدأ الشباب العربي يستخدم لغةً جديدةً وبديلةً عن حروف اللغة العربية، حيث تزاوجت الأخيرة مع الحروف اللاتينية لينتجا هجينًا جديدًا يعرف باسم “الفرانكو أراب” أو “العربيزية” أو “الإنجلوأراب”، والتي تمثل الكتابة الصوتية للغة العربية باستخدام الأبجدية اللاتينية.

تتضارب الآراء والتحليلات حول أسباب ظهور هذه اللغة الهجينة، فهناك من يُرجع الأسباب إلى تمرد الشباب على النظم الاجتماعية والثقافية، في دول تراقب كل ما يفعل أو يحاول أن يفعل – لتحصره في خانة المستهلك بعيدًا عن الابتكار والإنتاج – فلجأ إلى تشفير محادثاته باستخدام هذا الشكل الخاص من الكتابة ليعبر عما يريد برموز حرة تحيد عن الصحيح والفصيح والمنصوب والمرفوع والمقولب.

الجدير بالذكر أن فكرة تهجين اللغة ليست جديدة، فقد طُرحت من قبل في “تركيا” عام 1924، حين ألغى “مصطفى كمال أتاتورك” الخلافة العثمانية ومعها الكتابة بالحروف العربية واستبدلها بالحروف اللاتينية. وهو ما دعا إليه أيضًا الشاعر اللبناني “سعيد عقل” الذي توقع اندثار اللغة العربية لمصلحة اللهجات المحكية، حيث يختفي الحرف العربي ويحل محله الحرف اللاتيني كما حدث في “تركيا”. هذا وقد قدم السياسي المصري “عبد العزيز فهمي” لمجمع اللغة العربية اقتراحًا بكتابة اللغة العربية بالأحرف اللاتينية! قد لا يعلم كثيرون تلك الحقائق، لكن بالتأكيد يدرك الجميع أن شبكات التواصل الإلكترونية قد ساهمت في انتشار هذا الهجين بشكل كبير.

ليس هذا وحسب، بل إن “مايكروسوفت” أطلقت موقعًا إلكترونيًا جديدًا يستهدف الناطقين بالعربية في أنحاء العالم، يتضمن أدوات مبتكرة منها “مترجم مارن” الذي يسمح لمستخدمي الإنترنت كتابة الحروف العربية باستخدام لوحة مفاتيح لاتينية، كما يقوم بترجمة “الفرانكو أراب” إلى مرادفاتها في اللغة العربية! فهل اعتُمد الهجين في قائمة اللغات؟!

كيف ينظر الوطن العربي بكُتّابه ومثقفيه ومعلميه إلى تقرير منظمة “اليونيسكو” الصادر عام 2008 والذي ضم اللغة العربية إلى قائمة اللغات المتوقع انقراضها؟ من حرك ساكنًا؟!

لم تشهد اللغة العربية مجافاةً أكثر مما تشهده في عصرنا هذا، ولم يتصدع جدار الثقافة العربية أكثر من هذا الصدع الذي خلق أزمة هوية يعجز مثقفونا عن حلها، فعلقوا خيبتهم على شماعة السرعة ورياح الانفتاح والتطور والتغيير، فأضاعوا لسان حالهم في زوبعة العولمة.

استطاع الهجين “فرانكو أراب” أن يعبر عن المعنى الحقيقي والملموس للغزو الثقافي، حيث يواجه طلابنا ومثقفونا ومدرسونا تشوهات وأخطاء فادحة في كتابة ونطق اللغة العربية الفصحى متأثرين باللغة الهجينة، كما يعمد مدراء الشركات والموظفون إلى إقصاء اللغة العربية وتبادل الرسائل الداخلية بإحلال الحروف اللاتينية محل العربية استثمارًا للوقت، أو هروبًا، وربما تحايلاً على القواعد، لمَ لا ونحن في زمن “التيك أواي”!

الاندماج مع العالم والتواصل معه لا يعني انتهاك قواعد اللغة، فوسائل التواصل متعددة ومتطورة، والتكامل الذي يجمع العالم بأسره في قرية صغيرة يتطلب أولاً أن يمر بفترات من التكافؤ الحقيقي تسودها توازنات اقتصادية، وعدالة اجتماعية، ونظم تعليمية تحث على الابتكار وتنبذ ثقافة التلقين، ومؤسسات بحثية متطورة، ومراكز صحية تعالج التشوهات بدلاً من أن تنتجها.

من مقالات “ إداره.كوم

هبة حجازي، مديرة التحرير

اجنحة لمزاج الذئب الابيض

كنت قد وعدته ان اكتب تلخيصا. و في كل مرة اشرع فيها في كتابة تلخيص اتوقف عند الجملة الاولى متسائلا، هل ساوفي هذا العمل حقه؟. دين ثقيل على كاهلي.
ذهابا إلى العاصمة كان الطريق جد طويل، أتعبني. أما حين عودتي فلم ادر هل عدت معه أم لا؟. ذلك أني سافرت على أجنحة بوكبة في أجنحة لمزاج الذئب الأبيض. المجموعة النصية للكاتب و الروائي الجزائري عبد الرزاق بوكبة الذي ينتقل بنا بأجنحته على وقع قصص وحكايا وتأملات يختلط فيها الخيال، بالواقع، بالأسطوري فينسج لنا حكايات تشقى معها أحاسيسنا وارواحنا في نعيم التوهم و التبصر و التعلق.تصيبنا من كل جانب، تتغلغل في دواخلنا لتدغدغ مرفأ ما كنا قد تناسيناه.
الولهي بن الجازية صاحب الريشة يحدث نفسه… الكاتب قاتل ومقتول. يعترف في إحدى أجنحته.في نصوصه يغيب القارئ مع بوكبة في ذاته ليتأمل ذاته هو.يخرج إليه ليعيده إلى نفسه، يرتحل بنا في عوالم مسطرة في لاوعينا، في ذاكرتنا المنسية. نتلمس اجزاء من هذه الذاكرة. فماذا فعلت بنا يا الولهي؟.
سأعترف بأنني لم اقرأ نصوصا بهذا الشكل من قبل. و أي شكل؟. هل أهدى بوكبة الحرية لنصوصه وتمرد على قانون الأدب؟. يشعرك كل حرف بحريتك، يرفع عنك القيد المفروض. وكأني بعبد الرزاق حين أعطى لبدايات عناوين نصوصه أجنحة، ما أراد بذلك سوى أن يهمس بصوت مرتفع في أذن القارئ. استعد لتطير.
غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
يتخوف كتابنا من أن يمنحونا يدا بيضاء، اكفهم دائما بها نوع من السواد. يستشعرون لذتنا لأنفسنا لكنهم رغم ذلك يحجمون عن مساعدتنا في إدراك تلك اللذة، عجزوا عن تقريبنا من حقيقتنا، فالكاتب حينما يكتب فهو بالتالي ينقل صورة عن ذاته هو التي هي من ذات المجتمع، متاثرة بالمجتمع ومتكونة منه لذلك فهي تعبر عنه بكل اشكاله، تحلله، تحجز له مكانا واسعا في فضاء الانسانية. أقول ان بوكبة كسر ذلك الخوف الذي يستبد بالبعض، ذلك الحاجز الواهي من محاولات الفهم الفاشلة، الغشاء القاتم الذي نضطر معه كل مرة أن نعلن فيها الحداد على أنفسنا، تعبيراته تختلف عن ما عهدناه من التعابير الجوفاء التي تنقل الجانب المحتشم بتانيب للضمير. هل لأن عبد الرزاق من الجيل الجديد؟, أم أن له الموهبة ليمارس هذا الدور بالذات؟ يبقى السؤال مطروحا وقابلا للعديد من الاجابات. المهم أن عبد الرزاق في اجنحة لمزاج الذئب الابيض لن يسرقك من نفسك إلا ليعيدك إليها. يعيدك متأملا ذاتك. مستشعرا وجودك.. هل هناك أحلى من أن يعرف الإنسان نفسه، يستشعر وجوده؟.
على الضفة:
لا تضحكي على أميتي في السينما
فكل فيلم أراه بدونك لا اذكره
وكل فيلم أراه وأنت معي, لا أراه
بالمناسبة: من اخرج التيتانيك، ولم يستشرنا؟.
على الغلاف:
استلقى نيوتن تحت الشجرة ونام، اختفت العصفورة الخضراء بين الأغصان و قالت: نشترك في اللون/ حط النسر أعلى الأغصان وقال: نشترك في العلو.
قالت التفاحة لنفسها: في أي شيء يفكر هذا الإنسان؟
يصطاد العصفورة/يدجّن النسر/يقطفني/يحطب الشجرة.
أخافها المصير، فانتحرت، وسقطت على نيوتن!.
معلومات حول الكتاب:
العنوان: أجنحة لمزاج الذئب الأبيض
المؤلف: عبد الرزاق بوكبة ( صفحة الكاتب على الفايسبوك)
الناشر: منشورات آلفا ( الموقع الالكتروني)
الطبعة الاولى: 2008
عدد الصفحات: 330

تاكسي, خالد الخميسي

عنوان الكتاب: تاكسي,حواديت المشاوير

مؤلف الكتاب: خالد الخميسي

منذ سنوات طويلة و أنا زبون( سقع) لسيارات التاكسي, درت معها في شوارع و أزقة القاهرة, بحيث أصبحت اعرف حواريها ومطباتها أكثر من أي سائق .( بعض الغرور لا يفسد للود قضية).Kh-el-Khamissi

وأنا من هواة الحديث إلى سائقي التاكسي لأنهم بجد ترمومترات الشارع المصري ( الصايع) ,يضم هذا الكتاب بين دفتيه بعض القصص التي عشتها وبعض الحكايات التي جرت مع سائقين من ابريل 2005 الى مارس 2006.

هذا ما جاء في مقدمة كتاب تاكسي,حواديت المشاوير أو كلمة لابد منها للكاتب المصري خالد الخميسي . كتاب تاكسي كتاب رائع وهو عبارة عن قصص قصيرة بلغت 57 قصة تجري بين الكاتب وسواق التاكسي , الحديث فيها متنوع بين السياسي و الثقافي و الاجتماعي الى غير ذلك من المواضيع التي تطرق لها الخميسي في كتابه.

عرف الكتاب شهرة واسعة حتى انه ترجم لعديد اللفات من بينها الانجليزية و الفرنسية و الايطالية, وعن شهرة الكتاب قال الخميسي في احد البرامج التي استضافته على قناة فرانس 24 انه لم يكن يتوقع أبدا أن ينجح الكتاب بهذا الشكل و لا حتى أن يتخطى حدود مصر فإذا به يتخطى حدود العالم العربي.2009-10-17_175526

الكتاب جيد, استطاع أن ينقل يوميات المصريين بواقعها المؤلم و المضحك لذلك استحق أن يعاد طبعه مرات عديدة, لكن العيب الذي يركبه هو الاستخدام المفرط للهجة المصرية و لربما يعذر على ذلك لطبيعة الحوار الذي يجري بينه وبين سائقي التاكسي.

لم احصل على نسخة من الكتاب لكنني قرأته عبر الكمبيوتر بعد أن حملته من الانترنت, لكنني سأسعى للحصول على نسخة مطبوعة في معرض الكتاب القادم بالجزائر شاء الله.

لتحميل الكتاب بنسخة بي دي اف اضغط هنا

صفحة الكتاب على الفايس بوك اضغط هنا