شارع الأميرات، جبرا ابرهيم جبرا

شارع الأميرات جبرا ابراهيم جبرا

 

هل يسعني القول أني وقعت في غرام جبرا مع أني لم أقرأ سوى سيرته الذاتية بجزئيها؟ -وأتسائل إن كان هناك جزء آخر- و رواية يوميات سراب عفان وسأقول أن سيرته شارع الأميرات تركتني مشدوهة مأخوذة الأنفاس بهذا الفلسطيني المتعدد المواهب أقرب إلى شخصية خيالية منه إلى شخصية واقعية.
حكاياته الجميلة عن لميعة وقصة حبهما وزواجهما، عن صداقاته العديدة المتميزة، عن الشخصيات المهمة التي عرفها في حياته، عن رحلاته البحرية وسفره إلى فرنسا، مواقفه الطريفة مثل موقفه مع تلامذته حين كان يملي لمع البرق… حبه للفنون والآداب ومواهبه العديدة، حبه الذي لا يتنهي للتعلم والمعرفة، أفكاره التي لا تشبه سوى أناه. تعجبت من أني وجدت أخيرا شخصا يستطيع أن يتزوج بأبسط طريقة يمكن للعقل أن يتصورها، شخص مثلي أنا يفضل  الفضة على الذهب، شخص يحب المشي كثيرا، شخص لا يمكن أن يمنعه شيء من التعلم ويحركه إصراره لتعلم الصولفيج واللغة الفرنسية، نموذج للإنسان المتعدد المواهب: كاتب بارع وشاعر غريب بشكل جميل، مصور ورسام، نحات وعازف.

في حديثه عن تلك المدن، كنت أقرأ وأردد إلهي أعدني إلى وطني عندليب.. قد يكون وطني القدس، بغداد أو بيروت كلها أوطان أحببتها رغم أني لم أعرفها. فقط تمنيت لو أنه أسهب في حديثه عن إسلامه.

شيء من شعره :وهل أفيق كل صبح على عيون خامدة

تقدم لي مع الفطور و قطع من الشمس تلوكها أسنان الشتاء ؟

في شعرك حرير صارخ وفي يدي

ظمأ قديم، وإن تقطر الأكاذيب دوما

من شفتيك مع الصبح اللئيم والليل العقيم

بعض من لوحاته :

لوحة لابراهيم جبرا 418336_318070584896433_106558859380941_788228_505577395_aعنوان الكتاب: شارع الاميرات

الكاتب: جبرا ابراهيم جبرا

الناشر: دار الآداب

عدد الصفحات: 265

 

البئر الأولى لجبرا ابراهيم جبرا

ماذا قد يعني لي البئر : الغموض، هوة النسيان، الحدود الضيقة.. المكان الموحش في قصة يوسف عليه السلام لكن جبرا جعلني أراه مصدرا لعذوبة لا تنتهي و أعيد التفكير في نظرتي للبئر وأتساءل مالذي جعل أبي يفكر في حفر بير في بيتنا، بيتنا الذي بناه طوبة طوبة في زمن، الماء فيه متوفر. بئر بيتنا الذي كنت أراه مصدر خوف من السقوط فيه لعل والدي أراد به رمزا لخير لا يجف. أعود لجبرا وما فعلته بي سيرته البئر الأولى ، جعلت تنبش في الذاكرة بلا توقف عن أشياء كثيرة وجعلتني أعقد مقارنات بين طفولته وطفولتي رغم الاختلاف الكبير … جبرا بأسلوبه السهل الممتنع بلغته العفوية يجعلك تراه يجري حافيا حاملا كراريسه وكتبه أو تراه يغني في قداس الكنسية أو في حوش بيتهم يغرف من ماء البئر …

البئر الأولى هي بئر الطفولة . انها تلك البئر التي تجمعت فيها أولى التجارب والرؤى والأصوات ، أولى الأفراح والأحزان والأشواق والمخاوف التي تنهمر على الطفل ، فأخذ اداركه يتزايد ووعيه يتصاعد لما يمر به كل يوم ، ويعانيه بعذاب أو يتلذذ به. يتابع المؤلف طفولته منذ وعيه الأول في سن الخامسة حتى يكمل السنة الثانية عشرة من عمره، ويستمر باستقصاء هذه الكينونة ، التي تتنام وعيا ومعرفة وعاطفة ، وهي تحيا برائتها وتتشبث بها ، بينما البراءة تزايلها

الأقتباس : بعض مما كتب في غلاف الكتاب قد يحرضك على قرائته 🙂