العم مورو أو عمر ابن سعيد و أول الإسلام بأمريكا

 

حينما أنهيت قراءة كتاب “على نهج محمد” للكاتب الأمريكي كارل إرنست كنت قد تعرفت على إسم شغلني كثيرا ورحت فيما بعد أبحث عن قصة صاحبه، إنها قصة العم مورو أو عمر إبن سعيد السنغالي..
في عام 1995م، تم العثور على مخطوطة قديمة في شاحنة قديمة في فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، و بعض مما  جاء في المخطوطة:

” لا أستطيع أن أكتب عن حياتي لأني قد نسيت الكثير من كلامي وكذلك كلام العرب. يا إخواني، سألتكم بالله لا تلوموني، وذلك لضعف عيني وجسدي كذلك. اسمي عمر بن سعيد، مكان مولدي هو فوت طور، ما بين النهرين.. وقد طلبت العلم لمده 25 سنة. الى أن جاء إلى بلدنا جيش كبير. وقتل الكثير من الناس، وأسروني وسارو بي إلى بحر كبير، وقد باعوني الى رجل مسيحي اشتراني وسار بي إلى سفينة كبيرة في بحر كبير. أبحر بنا لمدة شهر ونصف حتى وصلنا إلى مكان يسمى تشارلستون “.

قصة عمر ابن سعيد و هو الاسم الحقيقي له حزينة، حزن قصص جميع الافارقة الذين اقتيدو الى امريكا ليصبحوا عبيدا بعدها. عمر ابن سعيد كان من بين هؤلاء، ترجع قصة الرجل الى العام 1770 تاريخ مولده بفوت طور بالسنغال حاليا. تعلم اللغة العربية و العلوم الشرعية الاسلامية على يد مجموعة من الشيوخ ذكرهم عمر ابن سعيد في مخطوطاته التي تركها و التي اكتشفت بعد وفاته بسنوات. وذلك لمدة 25 سنة ليصبح بعدها معلما للعلوم الشرعية الاسلامية و اللغة العربية بموطنه.
في العام 1807 هاجمت مجموعة من القوات موطنه فوت طور و اقتيد المئات من البشر ومن بينهم عمر ابن سعيد الى امريكا ليصبحوا هناك عبيدا. اقتيد عمر الى مدينة تشارلستون بكارولاينا الجنوبية و بيع هناك الى رجل اسمه جيمس أوين. و قد ذكر عمر ابن سعيد هذا الرجل الذي كان سياسيا أمركيا بكارولاينا الجنوبية حيث يقول عنه “يا شعب أمريكا، وانتم ياجميع الناس، هل هناك بينكم رجال صالحون خيرون مثل جيم أوين وجون أوين إنهم رجال جيدون، مهما كان يأكلون، كنت آكل مثلهم، مهما كانوا يلبسون كانو يلبسوني مثلهم . جيم و شقيقه يقرأون الكتاب المقدس وفيه أن الله هو ربنا وخالقنا ومالكنا، والمنعم علينا بالصحة، وأن الصحة والثروة نعمة من الله”.
في أمريكا و بعد أن أصبح عبدا مملوكا كتب عمر ابن سعيد الكثير من المخطوطات التي اكتشفت بعد وفاته و التي أصبحت لها قيمة كبيرة فيما بعد لتأريخها للوجود الاسلامي في أمريكا. كانت من بين تلك المخطوطات مخطوطات كتب فيها قصة حياته و أخرى تحمل سورا و آيات من القرآن الكريم و كذلك بعض الأدعية الدينية. و على الرغم من أن البعض يقولون بأن عمر إبن سعيد تحول الى المسيحية العام 1820 (و هو غير مؤكد)  إلا أن الكثير من الدارسين الاسلاميين الامريكيين يؤكدون بقاء عمر ابن سعيد على دين الاسلام مستدلين بذلك على مخطوطة كتبها العام 1857 أي قبل ثماني سنوات على وفاته بها سورة النصر.
توفي عمر ابن سعيد العام 1864 بعد أن عاش 57 عاما من حياته في العبودية، و بعد أن ترك إرثا تاريخيا يدلل على مناهضة المسلمين للعبودية بأمريكا.
لم أجد من المراجع العربية التي تتحدث عن هذه الشخصية الا القلة القليلة منها جدا، و أكثر ما هو موجود بالانجليزية ومنه النسخة العربية عن كتاب following muhammed  للكاتب الامريكي كارل ايرنست، و الذي تطرق اليه كاحد الشخصيات التاريخية الإسلامية في أمريكا.

عمر ابن سعيد على ويكيبيديا (بالانجليزية)

بعض المخطوطات التي تركها عمر ابن سعيد

على نهج محمد, كارل ايرنست

يمهد كارل ايرنست لكتابه هذا بالقول
”  ما الصور التي تستحضر في اذهاننا عندما نسمع كلمة اسلام؟ تجول داخل اي محل لبيع الكتب, وستجد انك قد انجذبت مباشرة نحو سلسلة من العناوين المثيرة و التي هي مخيفة في نفس الوقت, ان هذه المعروضات تكشف من المنشورات عالما من المخططات و المؤامرات الارهابية ضد الولايات المتحدة.
والى جانب هذه المؤلفات الاستفزازية التي تقوم على التهييج اللحظي, هنالك كتب ذات نبرة اكثر اعتدالا تلوم من منطق مستبد بالحكم على الحضارة الاسلامية بالفشل وتبشر بتصادم مصيري بين الاسلام و الغرب وقد يجد احدنا بعض الكتب الاكاديمية المختصة بعلم الللاهوت و التاريخ الاسلامي مدسوسة في احد الزوايا ولكنها مكتوبة باسلوب اكاديمي نثري ممل وشاق. بالاضافة الى ذلك قد يكون هناك نسختان من التبريرات و الشروحات التي كتبها مسلمون كمحاولة لدرءالاتهامات عن الاسلام. اخيرا لابد ان يكون هناك نسختان و ثلاث من ترجمات القران, ذلك الكتاب الذي يعد الاعسر فهما من بين اصناف الكتب السابقة, فهو عبارة عن نص اجنبي بمثابة الشيفرة المبهمة غير المفهومة فكيف يمكن لاحد منا ان يستوعب كل هذا؟.”
مقدمة كهذه تظهر بوضوح جلي كيف ان الاسلام يرى بنظرة ماخوذ عنها الكثير من المغالطات المتعدمة في احيان و الجاهلة في احيان اخرى. ولكن الكاتب الامريكي كارل ايرنست بكتابه هذا – على نهج محمد. following mohammad-  ينقل صورة مغايرة عن الاسلام الى الغرب عن تلك التي يعتقدها القارئ هناك. لا يتحدث الكتاب عن الاسلام من كونه دين عبادة وفقط, بل عن الاسلام من كونه حضارة وثقافة وتاريخ و اخلاق , الاسلام الذي استطاع ان يجمع بين جنباته شعوب و اقوام مختلفة وذلك من خلال وجهة نظر موضوعية خالية من الذاتية المجاملة او المسيئة على اعتبار ان الكاتب كارل ايرنست كاتب امريكي مسيحي. يعالج بشكل منطقي ودي القضايا التي توجه المسلمين في العصر الراهن مع اشارة الى مقومات هذا الدين – النبي محمد و القران- ويتحدث الكاتب عن الاخلاق في الاسلام في الفصل الرابع من الكتاب حيث يشرح كيف ان الاخلاق الاسلامية مستمدة من الدين من الامر الالهي و الافعال و الاقوال النبوية خلافا للاخلاق المسيحية التي عهد بها الى الى العلمانية منذ  نشوء المسيحية منذ عهد الدولة الرومانية فالاخلاق في الاسلام كما يقول الكاتب ساهمت بشكل فعال في بناء امبراطوريات على ضفاف المتوسط و في مناطق اسيا.
جاء هذا الكتاب ليقدم نظرة واضحة عن الاسلام ليس لدى القارئ في الغرب فقط و انما كذلك بالنسبة للقارئ العربي و المسلم
لم اقرا لكاتب امريكي مثلما قراته لكارل ايرنست, الكاتب كان واضحا جدا في حديثه عن الاسلام الحضاري, عن الفن الاسلامي, عن التصوف, عن الشيعة و السنة وقضايا اخرى معاصرة مثل علاقة المسلمين بغير المسلمين في العالم, الاقليات المسلمة في بلاد الغرب … الى غير ذلك.
معلومات حول الكتاب:
الكاتب : كارل ايرنست
المترجم: حمزة الحلايقة
الناشر: الدار العربية للعلوم, جامعة شمال كارولاينا
في الكتاب:
الكتاب على موقع الدار العربية للعلوم
لشراء الكتاب من موقع نيل وفرات
لشراء الكتاب نسخة انجليزية من موقع امازون
صفحة للكتاب بها مختلف الروابط التي التي استعملها الكاتب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الصورة :  image