الموت، أحيانا نهواه أكثر من الحياة.. كلنا نسير إليه في الأخير، لكن البعض منا في سيرهم يسرعون.. يسرعون متحاملين على البطآن الشديد الذي يتعدى الموت في ظلامه بأضعاف. لكننا و في أحيان أخرى و على بعد خطوة من تسليم الروح لذلك المجهول الذي نغدو إليه، تصحو في أعماقنا الحياة.. الحياة التي تولد على عتبة الموت.
انتحار مرجأ ترصد لنا ذلك التناقض المريب في حياة الإنسان.. إنساننا العربي الذي ملّ من واقعه المريب، من تكومات عصور من الظلام يحملها ثقلا على ظهره الذي يريد لو يتحرر، ولكن الكل له بالمرصاد.. تشتغل لديه فكرة الموت وتتبلور بحيث تصبح حديثا للروح، للورق، لمجموع الأرواح الأخرى التي تحمل هي الأخرى المعاناة.. هل نحب الموت لأننا نود لو نكونه أحيانا؟ هل تحمل تلك الرغبة في أن ننتهي لذة أن ننتصر على الوجود؟. أم الأمر فقط مجرد هروب؟.
يعالج محمد الساحلي في هذه الرواية القصيرة، حال الإنسان العربي الذي يعيش واقع التصادمات و الصراعات، الإنسان العربي الذي يبقى حبيس المفاهيم المتناقضة التي تخنقه و التي لا يجد سبيلا من الهروب منها غير ما يفرض عليه في أن يسلم روحه للمجهول.
اليأس، الخنوع، المهانة و تغريدة الوصاية التي تمارسها الأنظمة الدكتاتورية على العقول و الأرواح هي التي تخلق بيننا و بين الموت المحبة، يصبح مآلنا الوحيد الذي نود لو نلوذ إليه.. لكن حتى في ذلك نفشل.. قصة بطل الرواية الذي يلاحق حتى في رغبته بالموت. بعدما لوحق في رغبته في الحياة، في الحلم، في الكتابة. و في الحب… هذا الأخير الذي يتقاطع مع الموت، حين تسقط حبيبته ممتلئة بالأحلام البيضاء التي نمت على الماضي الحزين. في يدي من حاول الوصول إليه.
اقتباس من الرواية:
أكمل قراءة قصتها ونظر إلى السؤال المستكين بين شفتيها، وشبح لهفتها يرقص حول نيران فضولها.
– ما رأيك؟
– مفاجئة لي أنت دوما –في تجددك- كأمطار الصيف، كعاصفة ثلجية.. كصاعقة نزلت لكي تشرب!تبتسم فتتوقف الكواكب عن دورانها. تلتمع عيناها وتقول: لغتك حصان جامح غير مروض. تشعرني دوما بالعجز أمامك… أتساءل من أي نبع تغترفها؟
يرد سريعا كأنما كان ينتظر سؤالها منذ دهر: من عينيك جميلتي.
تحمر وجنتاها كما عادتها، وتسحب كفها من يديه:
– ما زلت طفلا نافذ الصبر.
– ما زلت غزالا شاردا.
بطاقة:
العنوان: إنتحار مرجأ
الكاتب: محمد الساحلي
يمكنك الحصول على نسخة من الرواية من خلال موقع اسناد من على هذا الرابط asnad.me/marjaa
صفحة الرواية على الفايسبوك هنا