عنوان الرواية: نساء باقفال
الكاتب: هيفاء بيطار
دار النشر:الدار العربية للعلوم. منشورات الاختلاف
رواية هيفاء بيطار نساء بأقفال تلقي الضوء على ظاهرة مستفحلة في المجتمع العربي ألا وهي ظاهرة العنوسة بكل ما تشكله من أبعاد. الروائية قدمت لنا من خلال روايتها نماذج من نساء فاتهن قطار الزواج ليصبحوا رمزا من رموز الفشل في الحياة أو كما يصورهن المجتمع, ناديا المدرسة التي صاحبت الحظ العاثر.. التي لم تجد زوجا يسترها من نظرات الناس و نظرات المجتمع المنغلقة التي ترى المرأة بلا زوج كعربة بلا ربان. وصديقاتها سناء و تغريد.. جولي التي تمردت على تقاليد المجتمع. دعاء الفتاة التي اعتكفت كراهبة لتطرد عنها الحاجة الطبيعية للمرأة فأصبحت في الأخير جثة هامدة من اللاوعي و اللاحس..هالة التي فقدت خطيبها في حادث سيارة فصارت بعدها المرأة عشيقة الخطيب الميت ليبتعد عن باب بيتها الخطاب…
نماذج لنساء أصبن بالإحباط فقررن خوض تجربة الجنس بعد أن فقدن الأمل في إيجاد زوج. فاكتشفن أن الجنس لا يشكل مطلبهن الوحيد من الرجل.. الجنس ليس سوى جزء بسيط مما تحتاجه المرأة. أمل قررت الانتحار, لا احد كان يتوقع ذلك, الفتاة الطيبة التي كان يراها الكل نموذج المرأة المتفوقة التي لا تحتاج لرجل … ومن لا تحتاج للرجل. أمل انتحرت.. الدكتورة النفسانية هنادي التي كانت مشرفة على مساعدتها قررت خوض التحدي في حضور احد المؤتمرات عن العنوسة لتلقي بقصص هؤلاء النسوة اللواتي فقدن الحياة وما فقدنها على طاولة أناس لا يستوعبون الظاهرة..يقيمون مؤتمر من اجل المؤتمر..
على الرغم من أن الرواية تحدث تأثيرا على القارئ و تجعله يتنبه لهذه القضية الخطيرة إلا أن الروائية لم تحاول أن تعالج المشكل ولم تلم بكل أبعاده بقدر ما حاولت أن تصبغ على القضية أفكارها, فالجنس بالنسبة لها حق للمرأة وعليها أن تحصل عليه و لو خارج الزواج. فناديا المرأة المتعلمة قررت خوض تجربة الجنس بعد أن بلغت الخمسين من العمر وكذلك بالنسبة لصديقاتها ولكنهن اكتشفن أن الجنس ليس سوى أمر ثانوي من الزواج بل وقد تقززن منه لدى تجربته. و يلاحظ القارئ أن شخصيات الرواية من النساء اللواتي قررن في الأخير الانصياع لرغباتهن و ممارسة الجنس أمر غير واقعي .. فناديا مثلا وهي إحدى بطلات الرواية, امرأة متعلمة مثقفة سترت نفسها عن الرجال مدة طويلة حتى بلغت من العمر عتيا, فقرارها خوض الجنس هكذا مرة واحدة يعتبر لدى القارئ هدما للشخصية بحد ذاتها, فلا يمكن لمرأة تصورها لنا الروائية من المحافظات في المجتمع تتمرد على نفسها قبل أن تتمرد على المجتمع و هي في سن متأخرة جدا…
ركزت الرواية على حق المرأة من الجنس واعتبرت أن المجتمع هو الذي يحرم المرأة من هذا الحق وهو وان كان أمرا صحيحا و من منطلق ذلك تستطيع المرأة التمرد على أفكار هذا المجتمع لأنه مجتمع متخلف لا يحترم المرأة و يراها مجرد سلعة أو بضاعة حسب الكاتبة. وأعطت نماذج لنساء في الغرب يمارسن الجنس بكل حرية لأنه من حقهن ذلك من دون أن يمنعهن المجتمع. لكن الروائية أغفلت جانبا مهما غير التقليد الاجتماعي ألا وهو الدين فالدين هو الذي يفرض على المرأة أن تتستر و أن تتحجب عن الرجال لحفظ المجتمع من الرذيلة و الوقوع في الخطأ. وما التجارب الجنسية التي خاضتها العوانس في الرواية إلا أخطاء وهذا ما تأكده الروائية في الأخير.
القضية اكبر من كونها قضية جنسية, إنها قضية معقدة لا تجتاح فقط إلى عقد مؤتمرات حولها كما يحدث في آخر الرواية بل تحتاج إلى حلول جدية. ودراسات متأنية, وقد هالني قبل أسبوع وأنا اقرأ إحدى الإحصائيات الاجتماعية أن نسبة العوانس في الجزائر يشكلن النسبة الأكبر من مجموع النساء وهو أمر يستوجب دراسة عاجلة و منظمة لهذه الظاهرة.