بين الجزيرة والثورة، علي الظفيري

 

بين الجزيرة والثورة

لا أعرف لم أخرج علي الظفيري كتابه “بين الجزيرة والثورة” بهذا الشكل، بادءا إياه بحديث عن طفولته المثقلة بالأسى في ربوع دولة الكويت التي شهد فيها قوات صدام تتقدم محتلة أرضا كان فيها الغريب كما قوات صدام، ومن ثم حديثه عن عمله بالتلفزيون السعودي وكيفية استبعاده من العمل بقناة الإخبارية السعودية التي كان يعول عليها آنذاك (بداية الألفية الجديدة) في منافسة قنوات عربية رائدة، إلى انتقاله مباشرة للحديث عن يومياته خلال الثورات العربية وهو مذيع ومقدم برنامج على قناة الجزيرة. كل ذلك تحت عنوان واحد (بين الجزيرة والثورة) لم أعتقده ولا صفحات الكتاب القليلة بقادر على لم معايشاته لواقع الثورات العربية وتحولات الإعلام العربي بعد وثبة الجزيرة، فضلا عن طفولته بعيدا عن وطنه السعودية.

كان يمكن للكتاب أن يكون شاهدا مهما على فترات مهمة من تاريخ، ليس الإعلام العربي فحسب بل وكذا الواقع الاجتماعي والتحول السياسي في الوطن العربي عقب الثورات التي شهدها ابتداء من نهاية عام 2010 إلى غاية إخراج الكتاب العام 2012. لما يملكه مؤلفه من الذخائر المعرفية والاسم الإعلامي اللذان يمكناه من الاستزادة في ما فاته من شواهد.
ورغم ذلك فالكتاب (الصادر عن منشورات الشبكة العربية للأبحاث عام 2012)، من كتب المذكرات التي أرخت بشكل ما لثورات الربيع العربي. خصوصا وأنها انبثقت من رحم إعلامي فاعل في مبنى قناة الجزيرة، المنبر الإعلامي الأبرز في الوطن العربي وكذا المنبر الحاشد لصوت ثوار تونس ومصر وما بعدهما من ثوار دول عربية اخرى اختنقت بدكتاتوريات السبعينات والثمانينات. فالجزيرة كانت هي اللاعب الثاني عشر في الميدان، تنقل بالصوت والصورة صرخات الحناجر المنادية بالحرية، كما تنقل الاعتداءات الوحشية والهمجية التي مارستها ضدهم قوات الشرطة والشرطة السرية في الميادين لثنيهم عن إطلاق العنان لأحلامهم إلى حد بلوغ زعزعة عروش سلاطين العرب الدكتاتوريين.
تعبير الظفيري في هذا الكتاب عن حماسه لثورات الربيع العربي فائق الحدود، يشعر القارئ بمدى ذلك الالتجام بينه وبين الثوار في الميادين روحيا، يحمل في تكوينه ذلك الحلم الكبير بالتحرر يوما ما من الدكتاتوريات، تفاعل مع الصغيرة والكبيرة، تصاعد في خلجه فرح غامر بحزن مرير، فرح بتلك الأصوات التي صدحت بها حناجر الثوار في الميادين وحزن لصديقه مصور الجزيرة الذي قتل في ليبيا كما حزن على من استشهد تحت نيران الدكتاتوريات من ثوار شباب ضحوا بأغلى ما يملكون فداءه للوطن، أرواحهم النفيسة.

السفر مع الظفيري في حكايته من طفولته إلى يومياته مع الثورات العربية ممتع، وإن كما أشرت سابقا كان الكتاب ليكون أجمل وأكمل لو فصل الظفيري في المحطات التي مر عليها ورتب من رحلته انطلاقا من طفولته بالكويت إلى استقراره للعمل بقطر.

للمزيد:
قراءة في الكتاب على موقع الجزيرة نت 

علي الظفيري  

 الكتاب على غودريدز