دروز بلغراد، حكاية حنا يعقوب

 

صورة

من رواية دروز بلغراد لربيع جابر.

يحكي ربيع جابر الروائي اللبناني في رائعته دروز بلغراد الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربي للعام 2012 قصة حنا يعقوب و زوجته هيلانة قسطنطين يعقوب و  ابنتهما بربارة وما وقع للعائلة الصغيرة بسبب الحظ العاثر ووجود الرجل المتوسط القامة ، الحنطي الوجه، الأسود الشعر و العينين بائع البيض في المكان الخطأ في الساعة الخطأ.

لم يدري حنا يعقوب أن تجوله قرب ميناء بيروت على بكرة الصبح صائحا “بيض مسلوق” سيؤدي به إلى رحلة جهنمية محبوسا بلا ذنب في غرب السلطنة العثمانية في جزر البلقان و بلاد الصرب إلى جانب مساجين لا علاقة له بهم، فهم دروز مسلمون وهو مسيحي. هم متهمون بالقتل و النفي و هو بائع بيض بسيط من بيروت. حظه العاثر هو ما أوجده هناك.. حظه الذي قاده إلى أن يرى الويلات في رحلته إلى شرق أوروبا.. الرجل القصير القامة المدعو حنا صار سلميان غفار عز الدين  متهم ب 14 دعوى قتل وجرح وحرق.. اقتادوه من ميناء بيروت إلى جنب العشرات من الدروز و لم يزده صراخه أنا حنا يعقوب سوى غرقا في البؤس حد الاختناق.

اثنا عشر سنة قضاها حنا بين قبو منحوس في قلعة بلغراد  و بين دروب جهنمية في البوسنة و في حبس بائس في الهرسك و الصرب و بلاد الدانوب. رحلة شهد فيها مقتل أصدقائه الذين جمعه الحظ العاثر بهم واحدا واحدا.

رواية جميلة جدا، تاريخية تصنف ضمن أدب المعتقلات. ما أعجبني فيها هو كونها تحكي فترة تاريخية يجهلها الكثيرون عن الأيام الأخيرة للدولة العثمانية في بلاد الصرب و البلقان. وهي المناطق التي كانت تحت حكم العثمانيين. وأنا اقرأ هذه الرواية كنت كأني اقرأ رواية موانئ المشرق لامين معلوف, هناك أوجه شبه كثيرة بين الروايتين لعل أبرزها البؤس الكبير الذي عاشاه البطلان و النهاية السعيدة لكل منهما. أظنها تستحق أن تكون أفضل رواية عربية لعام 2012.

رواية ربيع جابر جعلتني أتساءل عن الظلم الذي كان يمارس في القرن التاسع عشر، وهل كان من بين الأسباب الرئيسية التي قضت على الخلافة الإسلامية, ما يسرده ربيع جابر عن أحداث ذلك القرن مرعب حقا, فحنا يعقوب شكل مثالا لكثير ممن عانوا من همجية التسلط و الجبروت وغياب العدل في ذلك الوقت.

اقتباس من الرواية:

“بائع البيض أراد أن يستدير و يهرب إلى البيت. دب الرعب في أوصاله برؤية الجبليين هكذا، مربوطين بحبل كالحيوانات  وراكعين على حافة البحر. حاول أن يحرك ساقيه لكن الذعر شلّ أطرافه. التفتت صوبه رؤوس، ثم رأى جنودا يقتربون منه، ورأى ضابطا يتقي بكف مرفوعة أشعة الشمس يبتسم له و يسأل عن اسمه”

أنصحكم بقراءة هذه الرواية، سوف تستمتعون بها و تستفيدون منها كثيرا.

لتحميل الرواية

2 thoughts on “دروز بلغراد، حكاية حنا يعقوب

أضف تعليق